25‏/1‏/2010

كيف أفهم النضال



عبد الله احواش
 
بعدما سئموا من الوعود و التسويفات الحكومية بخصوص حقهم في التشغيل داخل قطاع الوظيفة العمومية ومن شعارات الأحزاب السياسية المبشرة بمغرب خال من عطالة الأطر العليا والتي تبين انها لا تعدو ان تكون مجرد دعايات انتخابية تلتجئ إليها هده الأحزاب لدغدغة مشاعر الناخب عند كل موعد انتخابي, قررت الأطرالعليا الإنخراط في مسار نضالي لإجبار الحكومات المتعاقبة على اخد مطلبها المشروع على محمل الجد وحملها على التفكير في وضع استراتيجية ناجعة لإشكالية عطالة الأطر العليا وتفعيل القانون للقطع مع كل الوسائل الاقانونية و اللأخلاقية من قبيل الزبونية و المحسوبية و الحزبية المتبعة لأن الشغل حق من حقوق الإنسان كفلته كل القوانين الوضعية و جل الشرائع السماوية, لدى لا يجوز حرمان اي مواطن منه مهما كان انتماءه الطبقي او العرقي اوالعائلي. فكل مجتمع لا يستطيع ضمان حقوق اعضائه بشكل نزيه و شفاف هو مجتمع فاشل يصبح فيه الفرد المحروم من الحقوق عنصرا للهدم ومحفزا على كل اشكال الفوضى نظرا لإنتفاء الشعور بالكرامة الدي يعتبر الشرط الضروري و الموضوعي لإنبثاق المواطن المسؤول و المنتج. بالتالي لامناص من بناء مجتمع تسود فيه الأعراف الديموقراطية و يتساوى فيه الجميع امام قانون يخضع له الكل و يضمن للجميع الحق في الإستفادة من الفرص المتاحة و في المشاركة في عملية تدبير الشاءن الجماعي ادا اردنا حقيقة بناء اجيال تعي ما معنى الإنتماء الى وطن وتدرك ان مستقبلها رهين بمصيره المرتبط بمدى انخراطها الفعال في العملية التنموية بشكل مبدئي لا على اساس الإنتهازية.
 
مند انطلاقها تبين ان النضال داخل الحركة الإحتجاجية فكرة دات مفعول عملي حيت استطاعت اجيال من الأطربفضل صمودها و اصرارها في طلب حقها في الشغل الكريم كما نص عليه الدستور ان ترغم الدولة على الإعتراف بهياكلها التنظيمية ولو بشكل ضمني وان تخصص نسبة معينة من المناصب للأطر العليا المعطلة و التي حددت حسب القرارين الوزاريين في %10 من مجموع المناصب المصادق عليها عند كل قانون مالي جديد.  ورغم فعاليتها في القدرة على الضغط على مراكز القرار داخل اجهزة الدولة, وايضا رغم التجربة التاريخية التي راكمتها مند عقدين من الزمن مازالت حركة المعطلين لم تصل بعد الى حالة النضج النضالي المطلوب لا على الصعيد التنظيمي ولا على المستوى الفكري.

اما تنظيميا فإلى حدود الساعة  لم تستطع الحركة الإحتجاجية تجاوز حالة التشردم المجموعاتي التي تحد من فعاليتها و تعرقل الجهود المبدولة ودلك بوضع إطار جامع و منظم يمثل كافة الأطرالعليا المعطلة  على الصعيد الوطني  ويستمد شرعيته منهم. ونظرا لأهمية الحق الدي من اجله ثم ابتداع آلية النضال بعدما تعدر الحصول عليه بشكل تلقائي وشفاف تبين انه لا يمكن الإستمرار في ظل هدا الوضع التنظيمي الممزق الى مجموعات إن كنا فعلا ندعي النضال الحقيقي من اجل حق يستدعي تضافر الجهود و اتحاد الإرادات و تجاوز كل الحزازات من قبيل تلك الطرهات التي يسوقها بعض الأطر كادعاء الأسبقية في التشغيل على اساس الأقدمية في الشارع او على خلفية الدبلوم او على قاعدة التخصص. حتى و انه من الطبيعي ان تتواجد مثل هده المسوغات الواهية في ظل غياب شرعية المبداء و المنطق فإن على الجميع ان يدرك اننا هنا ليسنا بصدد البحث عن مصلحة داتية ضيقة, التي تختزل اطر قضت معضم فترات حياتها واجملها في البحت عن الكرامة عن طريق العلم الى مجرد باحثين عن الخبز و كأنهم لم يعوا بعد انه ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان. بل مبتغانا يتلخص في المطالبة بمغرب اكثر عدالة و ديموقراطية و بوطن يحتضن كل ابنائه و فيه متسع للجميع.
 
اما على الصعيد الفكري, فقد برهنت آراء معضم الأطر  ممن تجادبنا معهم اطراف الحديث عن قصور في الفهم الصحيح للضروف الموضوعية التي نشاءت عنها ظاهرة العطالة في المغرب و في البلدان النامية عامة. فالأمر عند البعض يرجع فقط الى نزوة المسؤوليين الدين يفضلون توزيع المناصب على الأتباع و الأقارب و يتعمدون تهميش ماسواهم. و يعتقد الأخرون من ان ضعف كفاءة خريجي الجامعات و عدم ملائمة الشهادة المحصل عليها مع متطلبات سوق الشغل هو من اهم اسباب ظاهرة العطالة. فحتى و إن كانت هده المبررات على قدر مهم من الصحة فإن مشكلة العطالة هي مشكلة هيكلية يتداخل فيها محليا السياسي و الإقتصادي و الثقافي ولها امتدادات عالمية في ظل وضع عالمي يتسم بهيمنة المؤسسات المالية العالمية على الاسواق, الشئ الدي ينعكس سلبا على سياسات الدول الفقيرة التي لا تجد سوى الإنصياع لأوامر تلك المؤسسات.

 من هنا  يجب الكف عن اعتبارالحركة الإحتجاجية للأطر العليا المعطلة قنطرة للحصول على لقمة خبز و مؤوى للإنزواء و الركون الى الصمت المخجل ومن ثم التحول الى مجرد مشاهد منزوع الإرادة ومشلول القدرة على إتبات الدات بالفعل النضالي المستمر ضد كل اشكال الحيف و التهميش في عالم لا يعترف إلا بالفاعل المتيقظ و المؤثرعلى مجرى التاريخ. لأمثال هؤلاء المحتجين الخبزيين نقول إنكم بهدا الفهم الخاطئ للنضال تبرهنون على انكم تفكرون ببطونكم رغم ادعائكم الإنتماء الى طبقة المثقفين, فالأجدر بكم إعمال العقل عندها ستكتشفون ان النضال المتمركز على المصالح الشخصية ماهو إلاخيانة لمفهوم النضال و ان التاريخ سيطرح هؤلاء في مزبلته المنسية.

إن الحركة الإحتجاجية للأطر العليا المعطلة تندرج في اطار مشروع مجتمع مدني يتوخى الدفاع عن الحقوق الأساسية للأفراد في الداخل و النضال من اجل استقلالية الشعوب و سيادتها على ثرواتها في مواجهة هيمنة النمط الليبرالي المتوحش الدي تتبناه الدول الصناعية الكبرى وتنفده عبر قنوات البنك الدولي و صندوق النقد الولي و المنظمة العالمية للتجارة
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق